فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}.
وقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السموات والأرض بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} قدم ذكر النار في الشجر على ذكر الخلق الأكبر، لأن استبعادهم كان بالصريح واقعًا على الأحياء حيث قالوا: {مَن يُحيِ العظام} [يس: 78] ولم يقولوا من يجمعها ويؤلفها والنار في الشجر تناسب الحياة.
وقوله تعالى: {بلى وَهُوَ الخلاق} إشارة إلى أنه في القدرة كامل.
وقوله تعالى: {العليم} إشارة إلى أن علمه شامل.
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)}.
وهذا إظهار فساد تمثيلهم وتشبيههم وضرب مثلهم حيث ضربوا لله مثلًا وقالوا لا يقدر أحد على مثل هذا قياسًا للغائب على الشاهد فقال في الشاهد الخلق يكون بالآلات البدنية والانتقالات المكانية ولا يقع إلا في الأزمنة الممتدة والله يخلق بكن فيكون، فكيف تضربون المثل الأدنى وله المثل الأعلى من أن يدرك.
وفي الآية مباحث:
البحث الأول: قالت المعتزلة هذه الآية دالة على أن المعدوم شيء لأنه يقول لما أراده: {كُنْ فَيَكُونُ} فهو قبل القول له كن لا يكون وهو في تلك الحالة شيء حيث قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} والجواب أن هذا بيان لعدم تخلف الشيء عن تعلق إرادته به، فقوله: {إِذَا} مفهوم الحين والوقت والآية دالة على أن المراد شيء حين تعلق الإرادة به ولا دلالة فيها على أنه شيء قبل ما إذا أراد وحينئذٍ لا يرد ما ذكروه لأن الشيء حين تعلق الإرادة به شيء موجود لا يريده في زمان ويكون في زمان آخر بل يكون في زمان تعلق الإرادة، فإذًا الشيء هو الموجود لا المعدوم لا يقال كيف يريد الموجود وهو موجود فيكون ذلك إيجادًا لموجود؟ نقول هذا الإشكال من باب المعقولات ونجيب عنه في موضعه، وإنما غرضنا إبطال تمسكهم باللفظ، وقد ظهر أن المفهوم من هذا الكلام أنه يريد ما هو شيء إذا أراد، وليس في الآية أنه إذا أراد ما كان شيئًا قبل تعلق الإرادة.
البحث الثاني: قالت الكرامية لله إرادة محدثة بدليل قوله تعالى: {إِذَا أَرَادَ} ووجه دلالته من أمرين أحدهما: من حيث إنه جعل للإرادة زمانًا، فإن إذا ظرف زمان وكل ما هو زماني فهو حادث وثانيهما: هو أنه تعالى جعل إرادته متصلة بقوله: {كُن} وقوله: {كُن} متصل بكون الشيء ووقوعه لأنه تعالى قال: {فيَكُون} بفاء التعقيب لكن الكون حادث، وما قبل الحادث متصل به حادث، والفلاسفة وافقوهم في هذا الإشكال من وجه آخر فقالوا إرادته متصلة بأمره وأمره متصل بالكون ولكن إرادته قديمة فالكون قديم فمكونات الله قديمة، وجواب الضالين من التمسك باللفظ هو أن المفهوم من قوله: {إِذَا أَرَادَ} من حيث اللغة إذا تعلقت إرادته بالشي لأن قوله: {أَرَادَ} فعل ماض، وإذا دخلت كلمة إذا على الماضي تجعله في معنى المستقبل، ونحن نقول بأن مفهوم قولنا أراد ويريد وعلم ويعلم يجوز أن يدخله الحدوث، وإنما نقول لله تعالى صفة قديمة هي الإرادة وتلك الصفة إذا تعلقت بشيء نقول أراد ويريد، وقبل التعلق لا نقول أراد وإنما نقول له إرادة وهو بها مريد، ولنضرب مثالًا للأفهام الضعيفة ليزول ما يقع في الأوهام السخيفة، فنقول قولنا فلان خياط يراد به أن له صنعة الخياطة فلو لم يصح منا أن نقول إنه خاط ثوب زيد أو يخيط ثوب زيد لا يلزم منه نفي صحة قولنا إنه خياط بمعنى أن له صنعة بها يطلق عليه عند استعماله تلك الصنعة في ثوب زيد في زمان ماض خاط ثوبه، وبها يطلق عليه عند استعماله تلك الصنعة في ثوب زيد في زمان مستقبل يخيط ثوبه، ولله المثل الأعلى فافهم أن الإرادة أمر ثابت إن تعلقت بوجود شيء نقول أراد وجوده أي يريد وجوده، وإذا علمت هذا فهو في المعنى من كلام أهل السنة تعلق الإرادة حادث وخرج بما ذكرنا جواب الفريقين.
البحث الثالث: قالت المعتزلة والكرامية كلام الله حرف وصوت وحادث لأن قوله: {كُن} كلام {وَكُنْ} من حرفين، والحرف من الصوت، ويلزم من هذا أن كلامه من الحروف والأصوات، وأما أنه حادث فلما تقدم من الوجهين أحدهما: أنه زماني والثاني: أنه متصل بالكون والكون حادث، والجواب يعلم مما ذكرنا، وذلك لأن الكلام صفة إذا تعلقت بشيء تقول قال ويقول فتعلق الخطاب حادث والكلام قديم فقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} فيه تعلق وإضافة لأن قوله تعالى: {يَقُولُ لَهُ} باللام للإضافة صريح في التعلق ونحن نقول إن قوله للشيء الحادث حادث لأنه مع التعلق، وإنما القديم قوله وكلامه لا مع التعلق وكل قديم وحادث إذا نظرت إلى مجموعهما لا تجدهما في الأزل وإنما تجدهما جميعًا فيما لا يزال فله معنى الحدوث ولكن الإطلاق موهم، فتفكر جدًا ولا تقل المجموع حادث من غير بيان مرادك، فإن ذلك قد يفهم منه أن الجميع حادث، بل حقق الإشارة وجود العبارة وقل أحد طرفي المجموع قديم والآخر حادث ولم يكن الآخر معه في الأزل، وأما قوله: {كُن} من الحروف، نقول الكلام يطلق على معنيين أحدهما: ما عند المتكلم والثاني: ما عند السامع، ثم إن أحدهما يطلق عليه أنه هو الآخر ومن هذا يظهر فوائد.
أما بيان ما ذكرناه، فلأن الإنسان إذا قال لغيره عندي كلام أريد أن أقوله لك غدًا، ثم إن السامع أتاه غدًا وسأله عن الكلام لذي كان عنده أمس، فيقول له: إني أريد أن تحضر عندي اليوم، فهذا الكلام أطلق عليه المتكلم أنه كان عندك أمس ولم يكن عند السامع، ثم حصل عند السامع بحرف وصوت ويطلق عليه أن هذا الذي سمعت هو الذي كان عندي، ويعلم كل عاقل أن الصوت لم يكن عند المتكلم أمس ولا الحرف، لأن الكلام الذي عنده جاز أن يذكره بالعربي فيكون له حروف، وجاز أن يذكره بالفارسية فيكون له حروف أخر، والكلام الذي عنده ووعد به واحد والحروف مختلفة كثيرة، فإذًا معنى قوله هذا ما كان عندي، هو أن هذا يؤدي إليك ما كان عندي، وهذا أيضًا مجاز، لأن الذي عنده ما انتقل إليه، وإنما علم ذلك وحصل عنده به علم مستفاد من السمع أو البصر في القراءة والكتابة أو الإشارة، إذا علمت هذا فالكلام الذي عند الله وصفة له ليس بحرف على ما بان، والذي يحصل عند السامع حرف وصوت وأحدهما الآخر لما ذكرنا من المعنى وتوسع الإطلاق، فإذا قال تعالى: {يقول له} حصل قائل وسامع.
فاعتبرها من جانب السامع لكون وجود الفعل من السامع لذلك القول فعبر عنه بالكاف والنون الذي يحدث عند السامع ويحدث به المطلوب.
{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}.
لما تقررت الوحدانية والإعادة وأنكروها وقالوا: بأن غير الله آلهة، قال تعالى وتنزه عن الشريك: {الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ} وكل شيء ملكه فكيف يكون المملوك للمالك شريكًا، وقالوا: بأن الإعادة لا تكون، فقال: {وإليه ترجعون} ردًا عليهم في الأمرين، وقد ذكرنا ما يتعلق بالنحو في قوله: سبحان، أي سبحوا تسبيح الذي أو سبح من في السموات والأرض تسبيح الذي {فسبحان} علم للتسبيح، والتسبيح هو التنزيه، والملكوت مبالغة في الملك كالرحموت والرهبوت، وهو فعلول أو فعلوت فيه كلام، ومن قال هو فعلول جعلوه ملحقًا به.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لكل شيء قلبًا وقلب القرآن يس» وقال الغزالي فيه: إن ذلك لأن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر، والحشر مقرر في هذه السورة بأبلغ وجه، فجعله قلب القرآن لذلك، واستحسنه فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى. سمعته يترحم عليه بسبب هذا الكلام.
ويمكن أن يقال بأن هذه السورة ليس فيها إلا تقرير الأصول الثلاثة بأقوى البراهين فابتداؤها بيان الرسالة بقوله: {إِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} [يس: 3] ودليلها ما قدمه عليها بقوله: {والقرءان الحكيم} [يس: 2] وما أخره عنها بقوله: {لِتُنذِرَ قَوْمًا} [يس: 6] وانتهاؤها بيان الوحدانية والحشر بقوله: {فسبحان الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} إشارة إلى التوحيد، وقوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} إشارة إلى الحشر، وليس في هذه السورة إلا هذه الأصول الثلاثة ودلائله وثوابه، ومن حصل من القرآن هذا القدر فقد حصل نصيب قلبه وهو التصديق الذي بالجنان.
وأما وظيفة اللسان التي هي القول، فكما في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ اتقوا الله وَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] وفي قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا} [فصلت: 33] وقوله تعالى: {بالقول الثابت} [إبراهيم: 27] {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} [الفتح: 26] {وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} [فاطر: 10] إلى غير هذه مما في غير هذه السورة ووظيفة الأركان وهو العمل، كما في قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 110] وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنا} {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس} [الإسراء: 32، 33] وقوله: {واعملوا صالحا} [المؤمنون: 51] وأيضًا مما في غير هذه السورة، فلما لم يكن فيها إلا أعمال القلب لا غير سماها قلبًا، ولهذا ورد في الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى تلقين يس لمن دنا منه الموت، وقراءتها عند رأسه، لأن في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة، والأعضاء الظاهرة ساقطة البنية، لكن القلب يكون قد أقبل على الله ورجع عن كل ما سواه، فيقرأ عند رأسه ما يزاد به قوة قلبه، ويشتد تصديقه بالأصول الثلاثة وهي شفاء له وأشرار كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمها إلا الله ورسوله، وما ذكرناه ظن لانقطع به، ونرجو الله أن يرحمنا وهو أرحم الراحمين. اهـ.

.قال القرطبي:

ثم قال تعالى محتجًا: {أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض بِقَادِرٍ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} أي أمثال المنكرين للبعث.
وقرأ سلاّم أبو المنذر ويعقوب الحضرمي: {يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} على أنه فِعْل.
{بلى} أي إن خلق السموات والأرض أعظم من خلقهم؛ فالذي خلق السموات والأرض يقدر على أن يبعثهم.
{وَهُوَ الخلاق العليم} وقرأ الحسن باختلاف عنه {الْخَالِقُ}.
قوله تعالى: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} قرأ الكسائي {فَيَكُونَ} بالنصب عطفًا على {يقول} أي إذا أراد خلق شيءٍ لا يحتاج إلى تعب ومعالجة.
وقد مضى هذا في غير موضع.
{فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} نزّه نفسه تعالى عن العجز والشرك.
وملَكوتُ وَمَلَكُوتَي في كلام العرب بمعنى ملك.
والعرب تقول: جَبَرُوتَي خيرٌ مِن رَحَمُوتَي.
وقال سعيد عن قتادة: {مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} مفاتح كل شيء.
وقرأ طلحة بن مصرِّف وإبراهيم التيمي والأعمش، {مَلَكَةُ} وهو بمعنى ملكوت إلا أنه خلاف المصحف.
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي تردّون وتصيرون بعد مماتكم.
وقراءة العامة بالتاء على الخطاب.
وقرأ السُّلَميّ وزِرّ بن حُبيش وأصحاب عبد الله {يَرْجعُونَ} بالياء على الخبر. اهـ.

.قال أبو السعود:

وقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السموات والأرض}. إلخ.
استئنافٌ مسوقٌ من جهته عزَّ وجلَّ لتحقيق مضمون الجوابِ الذي أُمر عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنْ يُخاطبهم بذلك ويُلزمهم الحجَّة. والهمزةُ للإنكارِ والنَّفيِ، والواوُ للعطفِ على مقدَّرٍ يقتضيهِ المقامُ أي أليسَ الذي أنشأها أوَّلَ مرَّةٍ وليس الذي جعلَ لهم من الشَّجرِ الأخضرِ نارًا وليسَ الذي خلقَ السَّمواتِ والأرضَ مع كِبر جِرمِهما وعظم شأنهما {بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} في الصِّغرِ والقَمَاءةِ بالنسبةِ إليهما فإنَّ بديهةَ العقلِ قاضيةٌ بأنَّ مَن قدرَ على خلقهما فهو على خَلْقِ الأناسيِّ أقدرُ كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السموات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} وقُرئ {يقدِرُ} وقوله تعالى: {بلى} جوابٌ من جهته تعالى وتصريحٌ بما أفادَه الاستفهامُ الإنكارِيُّ من تقريرِ ما بعد النَّفيِ وإيذانٌ بتعيُّنِ الجوابِ نطقُوا به أو تلعثمُوا فيه مخافة الإلزامِ. وقولُه تعالى: {وَهُوَ الخلاق العليم} عطفٌ على ما يفيدُه الإيجابُ أي بَلَى هو قادرٌ على ذلكَ وهو المبالغُ في الخلقِ والعلم كَيْفًا وكمًّا.
{إِنَّمَا أَمْرُهُ} أي شأنُه {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} من الأشياءِ {أَن يَقُولَ لَهُ كُن} أي أنْ يعلِّقَ به قدرته {فَيَكُونُ} فيحدُثُ من غيرِ توقُّفٍ على شيءٍ آخرَ أصلًا. وهذا تمثيلٌ لتأثيرِ قُدرتهِ تعالى فيما أرادَه بأمرِ الآمرِ المُطاعِ المأمورِ المطيعِ في سرعةِ حصولِ المأمورِ به من غيرِ توقُّفٍ على شيء مَا. وقُرئ {فيكونَ} بالنَّصب عطفًا على يقولَ {فسبحان الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَىْء} تنزيهٌ له عزَّ وعلا عمَّا وصفُوه تعالى به وتعجيبٌ ممَّا قالوا في شأنهِ تعالى وقد مرَّ تحقيقُ معنى سبحانَ. والفاءُ للإشارةِ إلى أنَّ ما فُصِّل من شئونهِ تعالى موجبةٌ لتنزُّهه وتنزيههِ أكملَ إيجابٍ كما أنَّ وصفَه تعالى بالمالكيةِ الكلِّيةِ المُطلقة للإشعارِ بأنَّها مقتضيةٌ لذلك أتمَّ اقتضاءٍ.
والملكوتُ مبالغةٌ في المُلكِ كالرَّحموتِ والرَّهبوتِ. وقُرئ {ملكةُ كلِّ شيءٍ } و{مملكةُ كلِّ شيءٍ } و{مُلكُ كلِّ شيءٍ} .
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} لا إلى غيرِه. وقُرئ {ترجعون} بفتحِ التَّاءِ من الرُّجوعِ وفيهِ من الوعدِ والوعيدِ ما لا يَخْفى. عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما: كنتُ لا أعلمُ ما رُوي في فضائلِ ياس وقراءتها كيف خُصَّتْ بذلك فإذا أنه لهذه الآيةِ. قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ لكلِّ شيءٍ قَلبًا وإنَّ قلبَ القُرآنِ ياس مَن قَرأها يريدُ بها وجه الله تعالى غفرَ اللَّهُ له وأُعطيَ من الأجرِ كأنَّما قرأ القُرآنَ اثنتينِ وعشرينَ مرَّةً» وأيَّما مسلمٍ قرئ عنده إذَا نزل به مَلَكُ الموتِ سورةُ ياس نزلَ بكلِّ حرفٍ منها عشرةُ أملاكٍ يقومون بين يديهِ صفوفًا يصلُّون عليهِ ويستغفرونَ له ويشهدونَ غسلَهُ ويتبعونَ جنازتَهُ ويصلُّون عليهِ ويشهدون دفنَهُ وأيَّما مسلمٍ قرأ ياس وهو في سكراتِ الموتِ لم يقبضْ مَلَكُ الموتِ رُوحَه حتَّى يجيئه رَضوانُ خازنُ الجنَّةِ بشربةٍ من شراب الجنَّةِ فيشربها وهو عَلى فراشِه فيقبضُ مَلَكُ الموتِ رُوحَه وهو ريَّانُ ويمكثُ في قبرهِ وهو ريَّانُ ولا يحتاجُ إلى حوضٍ من حياض الأنبياءِ حتَّى يدخلَ الجنَّة وهو ريَّانُ. اهـ.